سيرة أحوال البورصه على لسان البسطاء

سيرة أحوال البورصة علي لسان البسطاء حيرة «أم جابر» يوم طلوع «أبو جابر» علي المعاش
21/10/2008
كتب: صلاح الناجي
علي مقهي في ميدان الجيزة قابلت جابر، وهو صديق قديم اعتاد أن يبدل مسار حياته كل بضعة أشهر، خسر أموالاً كثيرة، وكسب أموالاً أكثر، وكان من أوائل من عملوا في بيع وشراء أجهزة المحمول ومستلزماته ثم غير نشاطه عدة مرات إلي أن افتتح مشروعه الأخير «محل الكشري» الذي أغلقه بعد أقل من عام من افتتاحه وبالتحديد قبل رمضان الماضي، وهو الآن يدير أمواله- كما أكد لي- بطريقة مختلفة.
منذ شهر تقريباً كان قد أوشك أن يتجه لاستثمار أمواله في البورصة، ما دفعه إلي ذلك حماس والدته (أم جابر) وتأثرها بحملة الإعلانات التليفزيونية لتشجيع المواطنين علي الاستثمار في البورصة.
جابر الذي دخل عامه الثالث والثلاثين منذ شهرين في الشهر الذي شهد خروج والده- المهندس في شركة كهرباء شمال القاهرة- إلي المعاش، ليس له سوي شقيقة واحدة تزوجت منذ ثلاثة أعوام، أما هو فلا تؤرقه بأي حال مشكلة الزواج- الآن علي الأقل- كل ما يؤرقه هو استثمار أمواله التي جمعها من كفاحه مع السوق الذي استمر لأكثر من اثني عشر عاماً حيث بدأ بمبلغ اقترضه من أسرته ولم يسدده حتي الآن رغم أنه تضاعف عدة مرات.
في حواري - مع جابر- الذي لم أخطط له كنت أجلس مشغولاً بالطريقة المثلي التي من خلالها يمكن أن أنقل للقراء كيف يري البسطاء أحوال البورصة بعدما قرأ وسمع كثير منهم عما أصابها من انهيار، فمثلاً بسؤال الحاج مؤمن كمال أحد كبار تجار الجملة عن البورصة قال (يارب تولع) فلم أعرف إن كانت إجابته تتضمن جهلاً بالموضوع أم فهماً له.
لم تكن لدي خطة مسبقة للجلوس علي أحد المقاهي في ميدان الجيزة، وعندما حدث ذلك وجدتني في مواجهة «جابر» صديقي القديم الذي امتد حواري معه لأكثر من ساعة، بدأ بسؤال عن الحال، والأهل، وتوسطه كلام يتجدد كلما التقينا وانتهي جزؤه الأخير علي النحو الذي ستقرأه في السطور التالية:
ــ اسكت مش كان هيتخرب بيتي في موضوع البورصة ده لكن ربنا ستر.
> إزاي؟ إنت ليك فلوس في البورصة ولا إيه؟
ــ لا ياسيدي، بس كان هيبقالي فيها فلوس أنا وأبويا من حوالي شهر، لكن باين عليها فلوس حلال وإلا كانت راحت.
ــ طيب ما تحكيلي.
> أبويا كان طلع علي المعاش من شهرين وقبض مكافأة كويسة وكان بيفكر يستثمرهم في مشروع بدل ما يقعد فاضي، لغاية ما طلعت الهوجة بتاعة إعلانات البورصة في التليفزيون والست اللي بتقول (حلاوتك يا أسطي عبده) والحاجة أمي ربنا يديها الصحة عجبتها الحكاية وصدقت الإعلانات وقعدت تزن علي دماغ أبويا علشان يستثمر فلوس المكافأة بتاعته في البورصة، وإنت عارف بقي الزن علي الودان أمر من السحر، ولقيت نفسي أنا كمان قاعد بسأل عن أخبار البورصة وإزاي تكسب وإزاي تخسر وكنا خلاص هنشتري أسهم في البورصة أواخر رمضان كده.
ــ وبعدين؟!
> أبويا قال خلي الموضوع ده بعد العيد، وفي العيد أبويا تعب شوية بدور أنفلونزا بس شديد حبتين، وقبل ما صحته تتحسن علشان نمشي في الموضوع بتاع البورصة ده بدأت الجرايد تولول يا معلم (البورصة راحت.. البورصة جت.. البورصة انهارت.. البورصة طارت)، ولقيت أبويا خف علي طول وقال الحمد لله إني تعبت في الوقت المناسب لأن لو كنت تعبت وشقا عمري في البورصة كان بقي مرض الموت.
ــ وعملتوا إيه بعد كده؟
> أبويا طلبت معاه خوانة حتي للبنوك، وسحب الفلوس، واشتري بيها جنيهات دهب لغاية ما يفكر في مشروع يكسب.
ــ وهي الفلوس دي قد إيه ياجابر؟
> يعني 100 ألف وكسور.
ــ واشتري بيهم كلهم دهب!
> أيوه.. ليه؟ إوعي تكون بتخطط لسرقتنا.
ــ لأ أنا بافكر في حاجة تانية.
> عندك فكرة مشروع؟
ــ لأ. أنا مستغرب علي حكاية اشتري بيهم دهب دي.
ــ أيوه يا صديقي، أصل الدهب فلوسه فيه وحتي لو نزل بيطلع تاني بسرعة.
ــ قوللي يا جابر.
> أقولك.
ــ أبوك اشتري بفلوسه دهب وإنت بقي عملت بفلوسك إيه؟
> لأ، أنا اشتريت بيهم أخضر، دولار يعني حاجة تكسب في السريع سريع.. أصل أنا عرفت إنه هيزيد.. ساعتها أبيع ويبقي مكسب في السريع، ما هو أنا طول عمري كده وإنت عارف ما أحبش الملل.
ــ وإفرض الدولار سعره نزل ما زادش!
> إيه ياعم الصحفي.. ما إنت عارف اللي فيها، لعلمك بقي أنا من أول يوم في الحكاية دي وأنا باقرا الجرايد سطر سطر وعارف إن الدولار هيزيد

موضوع: لازم يموت الجمعة أكتوبر 31, 2008 3:21 pm

جابر لازم يموت يامعلم بجد الناس اللى زى ديه هما اللى جايبنا ورا والله ياعم دايما الواحد بيضيع بسبب غباء اخرين