كلما شاهدت حفلات المطرب الكبير محمد منير، وحالة الارتباط اللامحدودة بينه وبين جماهيره اتصور أن الناس في مصر ليست مجانين كورة فقط، لكنهم مجانين محمد منير أيضاً.. ولن أكون مجاملاً له عندما أقول :إن ما يحدث معه لم أشاهده مع مطرب آخر، سوف أذهب معكم للثلاثة أيام التي تسبق حفله بدار الأوبرا، حيث يحضر منير لقاعة البروفات الموجودة أسفل المكتبة الموسيقية، ورغم أن هذه البروفات عادة لا يعلن عن موعدها أو مكانها إلا أنني أجد عشرات من البشر في شكل أسراب تحيط بمدخل المكتبة الموسيقية لالتقاط صور مع نجمهم أو علي الأقل مشاهدته أثناء الدخول، والخروج. هذا المشهد يتكرر طوال ثلاثة أيام، والجميل في منير أنه يبادل جمهوره نفس الحب، وعندما تقترب منه وهو يتحدث معهم تعتقد لأول وهلة أن هناك معرفة سابقة بينهم ثم تكتشف أنه مجرد حديث عابر بين فنان وجمهوره، وهذا يعكس حالة الانسجام والألفة التي تخلق في لحظة بينهما، أما يوم الحفل نفسه فتجد أكواماً من الناس تتجه إلي الأوبرا، حيث المسرح الخارجي الذي يستقبل جمهور منير، حضور الجماهير لهذا المكان يسبق الحفل بساعات طويلة مثلما يحدث في مباريات الزمالك والأهلي مع الفارق أن مباريات الكرة الجمهور يذهب لمساندة فريقه من أجل المنافسة والفوز، أما في حالة منير فالكل جاء للاستمتاع والاستماع فقط، لأن الكل في هذه الليلة »كسبان«، والمكسب هنا هو صوت منير والتعايش معه. مساء الجمعة الماضي كانت دار الأوبرا المصرية علي موعد يتكرر منذ 12 عاماً حفل منير الرمضاني، ظهر منير في الحادية عشرة والنصف وترك المسرح في الواحدة والنصف، وربما يكون هو الحفل الأطول له علي مسارح الأوبرا، حيث كان من المفروض أن يغني ساعة أو أكثر قليلاً، لكنه وجد الجمهور متعطشاً فقرر أن يواصل الغناء لكي يروي ظمأهم. بدأ منير الحفل بضرورة تكاتف المصريين من أجل رفع المعاناة عن متضرري حادث الدويقة، وشكر كل إنسان حضر للحفل ودفع قيمة التذكرة، حيث يذهب العائد كاملاً إلي ضحايا الدويقة، وبلغ العائد من الحفل 400 ألف جنيه، وهو أكبر رقم يحققه حفل في دار الأوبرا، ثم بدأ منير الغناء بـ»حدوتة مصرية« تلك الحدوتة التي بها قدر كبير من الواقع الذي نعيش، ثم غني »يونس«، و»شيكولاتة« و»علموني«، و»كان فاضل«، و»أحمر شفايف« و»يا أبوالطاقية« و»عيني ع الولد« و»مساكن شعبية«. منير في هذه الليلة كان يغني بحب شديد شعرنا أنه لا يريد أن يترك المسرح يريد أن يواصل لوحة الحب التي تجمعه مع عشاقه، والغريب أن الجمهور كلما شعر أن منير يغني أغنية نهاية الحفل يزداد الحماس منهم لحثه علي المواصلة، يشارك منير حالة الغناء الجميل فرقة موسيقية تضم أهم العازفين في مصر، تشاهدهم علي المسرح تشعر أنهم طيور تغرد كل واحد بآلته، كل واحد يتعامل مع الآلة الموسيقية معاملة بها حميمية، وتألف عكس فرق الموسيقي العربية التي نشاهدها حيث ينتهي العازف من الحفل، ويخرج بسرعة البرق ليواصل العزف في كباريه أما عازفي منير فشعر بأنهم مختلفون تماماً. أثناء الحفل صعدت المطربة التونسية لطيفة بعد أن قدمها منير علي أنها صديقة عمر، غنت معه أغنية »الهادي جويني«، »تحت الياسمينة« وهي الأغنية التي قدمها منير في ألبومه الأخير »طعم البيوت«، ورغم أن الأغنية تونسية إلا أن لطيفة لم تحسن أداءها مع منير، ربما أنها شعرت بالصدمة من هذا الكم الجماهيري التي لم تعتد عليه، ربما أنها لم تذاكر اللحن جيداً ولم تستمع له كثيراً، فالغناء لم يكن سليماً بالمرة، المهم تركت المسرح لطيفة بعد أن أدت أيضاً أغنيتها »المصري«. ثم صعد الدكتور عبدالمنعم كامل في لفتة طيبة منه لتقديم الشكر لمحمد منير علي مساهمته في هذا الحفل الخيري، وعموماً الكل يستحق الشكر دار الأوبرا ومنير علي تقديم عائد الحفل لصالح ضحايا الدويقة........
....................الملك هو الملك يا خوانا .............................
" منير هو الكينج"
موضوع: محمد منير الحدوتة و الناس المكبوتة 
الأحد سبتمبر 28, 2008 8:19 pm
